هل أمنع حناني عن طفلي حرصاً على تأديبه؟؟!!"
أولاً
:ما معنى كلمة"
أم"
؟الأم هي حضن كبير دافىء ،أما التربية فتأتي بعد ذلك.،بدليل أن الإنسان قد ينادي امرأة بقوله :" يا أمي" وهي لم تلده ولم تربيه!!!.
ثانياً:
.لماذا يحتاج الطفل إلى الحنان؟
إن نمو الطفل له ابعاد أخرى غير النمو الجسماني،فهنا ك النمو الانفعالي،والنمو العاطفي،وغير ذلك ،فكما يهمك إطعامه وكسوته و نظافته،وتفوقه يجبأيضاً أن تعطيه حقه من العواطف...وكما تهتمين بجسده،يجب عليكِ أن تهتمي بروحه،فإذا ارتاحت الروح إرتاح الجسد،ولكن العكس ليس صحيحاً!!!.
ثالثاً:
ماذا يحدث لو لم يحصل الطفل على الحنان الكافي؟
إليك بعضاً مماقد يحدث لو حُرم طفلك-لا قدَّر الله- من الحنان :
أ?- سيتكون مع مرور الزمن حاجز نفسي بينه وبينك،يتألم بسببه كثيراً وهو طفل،وتعانين منه أكثر حين يتقدم بك العمر.
ب?- سيفقد تدريجياً إنتماءه نحوك ويتعامل معك بطريقة آلية (أي أداء واجب) حين يصبح شاباً -هذا إن كان على خُلُق- رغم أن قلبه ينبض بحبك!!!
أما إن لم يكُن على خُلُق- والعياذ بالله- فحَدِّثي ولا حَرج عما قد يفعله .
ج- لن يستطيع أن يبوح لك بأسراره،حتى لو أراد ذلك،لأن الكلمات ستهرب منه!!!!بينما تفيض كلماته حين يتحدث مع أي شخص آخر يرتاح إلى الحديث معه!!
د- سيبحث عن مصدر آخر للحنان(أم بديلة) تتمثل في الجَدة،أو العمة أو الأخت ،أو الصديق...إلخ.
هـ- ستصبح علاقته بالأم البديلة-التي قد لا تكون محل ثقة- مصدر سعادة وارتياح بالنسبة له،ومصدر غيرة وحيرة وتعاسة بالنسبة لك.
رابعاً:هل الطفل فقط هو الذي يحتاج إلى الحنان؟!
في رأيي أن سائر المخلوقات تستطيع الاستغناء عن الطعام،ولكنها –أبداً- لا تستطيع الاستغناء عن الحنان والتقدير العاطفي كي تبقى على قيد الحياة!!!
هل تريدين الدليل؟
جربي أن تعاملي إثنين من نباتاتك المنزلية بطريقة مختلفة لمدة أسبوع:
إسقي الأول وأنت تتأملين جماله أوتتنسمين عطر زهوره،ونظفي أوراقه بلطف ورقة،ثم كلما مَرَرتِ به إنظري إليه وأنت تسبِّحين خالق هذا الجمال المُبهِج!!!
أما الآخر،فاسقيه وأنت مشغولة بشيء آخر،ونظفي أوراقه كأنك تنظفين قطعةأثاث،ولا تنظري له علىالإطلاق كلما مررت به،ثم ضعي له سماداً يقوِّيه.... ثم لا حظي النتيجة!!!!
ولكِ ان تجربي نفس الشيء مع اثنين من الحيوانات الأليفة.
خامسا
:الأسوةالحسنة
هناك شيء آخر، ربما لا يخطر ببال الكثير من الأمهات ،وهوأنها-كمسلمة-من الواجب عليها أن تتصف بصفات الله سبحانه وتعالى،وأن تقتدي برسوله صلى الله عليه وسلم...ف:" الحنَّان" هوأحد الأأسماءالحسنى لله تعالى ولاحظي أنها صيغة مبالغة ،أي انه –سبحانه- شديد الحنان...ولعل حنانه –جلَّ شأنه- يتضح في كل تعاملاته مع خَلقه، وفي كل مكوِّنات مخلوقاته...ولعلك تذكرين الحديث القدسي الذي يقول فيه عن عباده:" إن تابوا إليَّ فأنا حبيبهم،وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم،ابتليهم بالمصائب لأطهِّرهم من المعايب!!!"
وقد جاءت هذه الصفة في سورة مريم(الآية 13)في قوله عز وجل:"وحناناً مِن لَدُنَّا"،وقد فسرها ابن كثير علىأنها:" رحمة من عندنا، وتعطُّفاً عليه مِنَّا ،وقال أيضاً أن الحنان في اللغة هو َ الْمَحَبَّة فِي شَفَقَة وَمَيْل.
أما حبيبه صلى الله عليه وسلم:فقد كان يقطُر حناناً ،ولكِ أن تقرأي في كتب السيرة كيف كان –صلوات ربي وسلامه عليه- يعامل خادمه أنَس بن مالك،وابنته فاطمةالتي كان يقوم إليها ويقبِّلها بين عينيها كلما جاءت إليه،بل وأزواجه رضي الله عنهن،وأحفاده،وسائر المسلمين،بل وسائر الكائنات!!!
أما عمر بن الخطاب الذ ي كان معروفاً بالغِلظة والقسوة،فقد قالت عنه إحدى زوجاته أنه حين كان يأوي إلى بيته كان يتحول إلىطفل صغير!!!
فهل كل هذا يعني غياب التريبة والحَزم؟؟؟!!!
ما الحل إذَن؟؟؟
1- أن تمنحيه حقه من الحنان والرعاية والاهتمام دون إفراط أو تفريط،فخير الأمور الوسط.
2- إذا أخطأ فيجب أن تعطيه فرصة،أو تتغافلي ،ثم تحَذِِّريه،ثم تُلَوِّحي بأنه في المرة القادمة سيكون هناك عقاب،ثم تعاقبيه، بشرط أن يكون العقاب رحيما،وسريعا في نفس الوقت لأن الطفل سريع النسيان،فعاقبيه قبل أن ينسى أنه أخطأ.
2- بمحرد عقابه يجب أن تنسي خطأه ولا تظلي تعايرينه،بل مارسي حياتك معه بشكل عادي حتى يتأكد أنك تكرهي خطأه ولست تكرهينه هو،كما أن ذِكر محاسنه-خاصة أمام والده أو مَن يهمه أمرهم- بدلاً من سيئاته يحفِّزه على المزيد من التصرفات الحسنة،لينال المزيد من الثناء..
3- إذا كان أبوه موجوداً فليكُن هو المسئول عن عقابه وتأديبه أكثر منك،حتى تكون مهمتك الرئيسة هي أن تكوني حضنه الحنون،وخزانة أسراره،ومحل ثقته...حتى يجد مرفأ مأمون يلجأ إليه حين يواجه أية مصاعب وخاصة الاجتماعية منها ...وما أكثرها في عصرنا الحالي.
سادساً :كلمة أخيرة:عاملي طفلك بكثير من الاحترام والرفق،والتفاهم،مع القليل من الحزم.
وبكلمات أخرى:عامليه في صغَره،بما تُحبين أن يعاملك حين يتقدم بك العُمر!!
__________________